نصرالدين عضو جديد
جْــنــسِے : عدد مشآرڪآتي : 19 تاريخ التسجيل : 10/08/2010 تاريخ الميلاد : 13/03/1996 العمر : 28 الموقع : https://a7bab.0wn0.com/ العمل/الترفيه : رمضان كريم المزاج : مرحباااااااااااااااااااااااااااااااااا
| موضوع: ما أجمله من رحيل ؟! الأربعاء أغسطس 11, 2010 9:04 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
قصة توبة
ما أجمله من رحيل ؟!
بدت أختي شاحبه الوجه نحيله الجسم . ولكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم . تبحث عنها فتجدها في مصلاها . راكعة ساجدة رافعه يديها إلى السماء . هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا تفتر ولا تمل . كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي . أشاهد الدش بكثرة لدرجة أنني عُرفت به ..ومَنْ أكثر من شيء عُرف به . لا أؤدي واجباتي كاملة ولست منضبطة في صلواتي . بعد أن أغلقت الدش وقد شاهدت أفلاماً متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة . ها هو الأذان يرتفع من المسجد المجاور . عدت إلى فراشي . تناديني من مصلاها . نعم ماذا تريدين يا نورا ؟ قالت لي بنبرة حاده : لا تنامي قبل أن تصلي الفجر . أوه ..بقي ساعة على صلاة الفجر وما سمعته كان الأذان الأول . بنبرتها الحنونة..هكذا هي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش . نادتني ..تعالي يا هناء بجانبي . لا أستطيع إطلاقاً رد طلبها . تشعر بصفائها وصدقها . لا شك طائعاً ستلبي . ماذا تريدين ؟ اجلسي .. ها قد جلست ماذا لديك ؟ بصوت عذب رخيم قالت : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ . سكتت هنيهة . ثم سألتني ..ألم تؤمني بالموت ؟ بلى مؤمنة !. ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة ؟. بلى ..ولكن الله غفور رحيم ..والعمر طويل ..يا أختي . ألا تخافين من الموت وبغتته ؟. انظري هند أصغر منك و توفيت في حادث سيارة .. وفلانة .. وفلانة .. الموت لا يعرف العمر .. وليس مقياساً له .. أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها ذو ضوء خافت : إنني أخاف من الظلام وزدت خوفي بذكر الموت ..كيف أنام الآن ؟. كنت أظن أنك وافقت على السفر معنا هذه الإجازة . فجأة .. تحشرج صوتها و اهتزَّ قلبي .. لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً .. إلى مكان آخر .. ربما يا هناء .. الأعمار بيد الله . وانفجرت بالبكاء .. تفكرت في مرضها الخبيث وأنَّ الأطباء أخبروا أبي سراً أنَّ المرض ربما لن يمهلها طويلاً . ولكن من أخبرها بذلك ؟ أم أنها تتوقع هذا الشيء . ما لك تفكرين . جاءني صوتها القوي هذه المرة : هل تعتقدين أنني أقول هذا لأنني مريضه . كلا .. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء . وأنت إلى متى ستعيشين . ربما عشرين سنة . ربما أربعين ..ثم ماذا ؟. لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوة . لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما إلى جنة وإما إلى نار . ألم تسمعي قول الله ﴿ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ . تصبحين على خير . هرولت مسرعه وصوتها يطرق أذني . هداك الله . لا تنسي الصلاة . الثامنة صباحاً . أسمع طرقاً على الباب . هذا ليس موعد استيقاظي . بكاء ..وأصوات ..يا إلهي ماذا جرى . لقد تردت حالة نورة وذهب بها أبي إلى المستشفى . إنا لله وإنا إليه راجعون . لا سفر هذه السنة . مكتوب علي البقاء هذه السنة في بيتنا . بعد انتظار طويل . عند السعة الواحدة ظهراً . هاتفنا أبي من المستشفى تستطيعون زيارتها الآن هيا بسرعه . أخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغير . عباءتي في يدي . أين السائق . ركبنا على عجل .. أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه وكان يبدو قصيراً . ماله اليوم طويلاً .. وطويلاً جداً. أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي ألتفت يمنة ويسرة . زحام أصبح قاتلاً ومملاً. أمي بجواري تدعو لها . إنها بنت صالحة مطيعة . لم أرها تضيع وقتها أبداً . دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى . هذا مريض يتأوه . وهذا مصاب بحادث سيارة . وثالث عيناه غائرتان . لا تدري هل هو من أهل الدنيا أم من أهل الآخره . منظر عجيب لم أره من قبل . صعدنا درجات السلم بسرعة . إنها في غرفة العناية المركزة . وسآخذكم إليها . ثم واصلت الممرضة : إنها بخير وطمأنت أمي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها . ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد . هذه غرفة العناية المركزة . وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر إليَّ وأمي واقفه بجوارها . بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطع إخفاء دموعها .. سمحوا لي بالدخول والسلام عليها على أن لا أتحدث معها كثيراً . دقيقتان كافية لك . كيف حالك يا نورة . لقد كنت بخير مساء البارحة . ماذا جرى لك ؟!. أجابتني بعد أن ضغطت على يدي : وأنا الآن ولله الحمد بخير . الحمد لله لكن يدك بارده . كنت جالسه على حافة السرير ولامست يدي ساقها . أبعدتها عني .. آسفه إذا ضايقتك . كلا ولكني تفكرت في قوله تعالى : ﴿ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ، إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾ عليك يا هناء بالدعاء لي فربما أستقبل عن قريب أول أيام الآخرة . سفري بعيد وزادي قليل ..سقطت دمعه من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت . لم أع أين أنا . استمرت عيناي في البكاء . أصبح أبي خائفاً علي أكثر من نورة . لم يتعودوا مني هذا البكاء والانطواء في غرفتي . مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين . ساد صمت طويل في بيتنا . دخلت عليَّ ابنة خالتي . ثم ابنة عمتي . أحداث سريعة ..كثر القادمون ..اختلطت الأصوات ..شيء واحد عرفته .. ( نورة ماتت) لم أعد أميز من جاء . ولا أعرف ماذا قالوا . يالله .. أين أنا وماذا يجري ؟ عجزت حتى عن البكاء . فيما بعد أخبروني أن أبي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير . وأني قبّلتها . لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً . حين نظرت إليها مسجاة على فراش الموت . تذكرت قولها ﴿ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ﴾ عرفت حقيقة أن ﴿ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾ لم أعرف أنني عدت إلى مصلاها إلا تلك الليلة.. وحينها تذكرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمان . تذكرت من شاركتني همومي . تذكرت من نفَّست عني كربتي . من دعت لي بالهداية . من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدثني عن الموت ، والحساب .الله المستعان. هذه أول ليلة لها في قبرها . اللهم ارحمها ونوّر لها قبرها . هذا هو مصحفها . وهذه سجادتها ..وهذا .. وهذا .. بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئه لزواجي . تذكرتها وبكيت ، وبكيت على أيامي الضائعة . بكيت بكاءً متواصلاً . ودعوت الله أن يرحمني ويتوب علي ويعفو عني . دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو . فجأة سألت نفسي ماذا لو كنت أنا الميتة ؟ ما مصيري ؟ لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني . بكيت بحرقة ..الله أكبر ..الله أكبر .. ها هو أذان الفجر قد ارتفع . ولكن ما أعذبه هذه المرة أحسست بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن . لففت ردائي وقمت واقفه أصلي صلاة الفجر . صليت صلاة مودع . كما صلتها أختي من قبل وكانت آخر صلاة لها . ( إذا أصبحت لا أنتظر المساء . وإذا أمسيت لا أنتظر الصباح ) | |
|
nounou عضو فعال
جْــنــسِے : عدد مشآرڪآتي : 72 تاريخ التسجيل : 10/08/2010 تاريخ الميلاد : 03/02/1996 العمر : 28 الموقع : setif العمل/الترفيه : تلميذة المزاج : كووووول خير منكم كامل
| موضوع: رد: ما أجمله من رحيل ؟! الأربعاء أغسطس 11, 2010 7:09 pm | |
| | |
|